أوقفت المديريّة العامّة لأمن الدولة في لبنان، مساء الثلاثاء الأول من شباط 2022، المواطن نشأت منذر، الذي كانت قد انتشرت فيديوهاته المثيرة للجدل في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وجرى نقاش العديد من الموضوعات التي طرحها في الإعلام. أتى التوقيف بناءً على إشارة النيابة العامة التمييزية، تجاوبًا مع إخبار تقدم به محامون وتأيد لاحقًا بإخبار من أمين دار الفتوى في لبنان، استنادًا لأحكام المادتين 317 و474 من قانون العقوبات.
بعيدًا عن إبداء رأي أو موقف بشأن مضمون التصريحات المتكررة للسيد منذر، وانطلاقًا من الواجب في الدفاع عن مبدأي حريّة الرأي والمعتقد وحريّة التعبير وصيانتهما، تعرب المنظّمات الموقعة أدناه عن قلقها حيال خلفيّات توقيف المواطن نشأت منذر، وتَعارض هذا التوقيف مع مبدأ حريّة الدين والمعتقد، بغض النظر عن المضمون الذي قدمه السيد نشأت ورأينا فيه. فالحريات الشخصية المكرسة في الشرعة العالمية لحقوق الإنسان والتي التزم بها لبنان بشكل صريح في مقدمة الدستور (الفقرتين ب وج) لا يجوز تقييدها إلا بهدف حماية حقوق الآخرين، أو إذا شكلت دعوة للعنف أو سببًا مخلًا بالنظام العام.
إن حرية الدين والمعتقد قد كُرّست في الدستور اللبناني في المادة 9 “حريّة الاعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حريّة إقامة الشعائر الدينيّة تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام”، ولم تحدد هذ المادة أديان ومعتقدات بعينها يجب حمايتها، بل اعتبرتها حريّةً مطلقةً للاعتقاد ولعدم الاعتقاد، وجعلت من الدولة الضامن والحامي لهذه الحريّة.
وكرّست المادة 13 “حريّة إبداء الرأي قولًا وكتابةً وحريّة الطباعة وحريّة الاجتماع وحريّة تأليف الجمعيات” دون أي تقييد أو إشتراط موافقة فئة ما أو مرجعيات معينة. كما كرّست هذه الحريات في المادتين 18 و19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه لبنان.
وعليه، فإن فهم المنظّمات الموقعة أدناه لحريّة الدين والمعتقد وحريّة التعبير يشمل حق أي شخص في التعبير عن معتقداته الروحيّة والإيمانيّة -مهما كانت- بكفالة الدستور اللبناني وحماية أجهزة الدولة المعنية.
أما المادتان 317 (التجديف) و474 (إثارة النعرات الطائفية) من قانون العقوبات، فتشكلّان مجالًا فضفاضًا للاستنسابيّة والتفسير والتأويل، وتشكلان أيضًا بالتالي خطرًا وأداة قمع قد تستخدمها السلطة ضد من لا يتوافق معها في الرأي. ويعتبر استخدام هذه المواد لتوقيف ومحاكمة شخص لم يقم سوى بالتعبير عن معتقداته والدعوة إليها على مواقع التواصل الاجتماعي، دليلًا على المجال الواسع لسوء استخدامها وسوء تفسيرها من قبل بعض المعنيين.
تدعو المنظّمات الموقعة أدناه المرجعيات القضائيّة إلى اعتماد مبدأي حرية الدين والمعتقد وحرية التعبير، إضافة إلى مبادئ المحاكمة العادلة كمرجعيّة أساسيّة أثناء النظر في القضية المذكورة، دون أن ينتقص ذلك من أية محاسبة على أي جرم يمكن أن يكون قد حصل وفق الأصول القضائيّة والمعايير الدوليّة لمحاكمة عادلة. وتطالب هذه المنظّمات باحترام مبادئ التوقيف والتحقيق والمهل الضامنة لحماية المتّهمين بما فيها قرينة البراءة وعدم الإفراط باستخدام الحرمان من الحرية.
كما تدعو المنظّمات الموقعة أدناه اللجنة الوطنيّة لحقوق الإنسان لمتابعة القضية والإجراءات القضائيّة واعتبارها فرصةً لتسليط الضوء على التفاوت الموجود بين القوانين اللبنانيّة من جهة، والدستور اللبناني والتزامات لبنان بالمواثيق الدوليّة من جهة أخرى، ومناسبة لنشر الوعي حول مفهوم الحريّات العامّة وضوابطها.
المنظّمات الموقعة:
مؤسسة أديان
ألف – تحّرك من أجل حقوق الإنسان ALEF- act for human rights
مركز الدفاع عن الحريات الاعلامية والثقافية “سكايز” SKeyes Center for Media and Cultural Freedom
المركز اللبناني لحقوق الإنسان CLDH – Lebanese Center for Human Rights
منّا لحقوق الإنسان MENA Rights Group
منظمة سمكس/ SMEX
المفكرة القانونية Legal Agenda
منظمة إعلام للسلام MAP- Media Association for Peace
نواة للمبادرات القانونية / SEEDS for Legal Initiatives
مؤسسة مهارات Maharat Foundation
حلم – Helem