في الوقت الذي يقف العالم متحدًّا لدعم ضحايا التعذيب، تدعو منظمة ألف – تحرك من أجل حقوق الانسان الحكومة إلى إعادة تأكيد التزامها استئصال التعذيب من لبنان الأمر الذي يستوجب اتخاذ خطواتٍ أساسيّةً ثلاث على مستوى الحكومة والسلطة التشريعيّة والقضاء لاجتثاث جذور التعذيب.

بدايةً، يجب إصلاح نظام الاعتقال في لبنان بهدف الحدّ من التوقيف قبل المحاكمة ووضع حدٍّ لاكتظاظ السجون. أضف إلى ذلك التوقيف الاحتياطي ما قبل المحاكمة يؤدي إلى اكتظاظٍ وإلى ظروف اعتقالٍ قاسية ومهينة ولا إنسانيّة. ويجب أن يُشكّل إدخال بديلٍ جدّي اللتوقيف الاحتياطي ما قبل المحاكمة وتحسين ظروف الاعتقال أولويّةً لدى الحكومة إذا أراد لبنان الامتثال للشروط المنصوص عليها بموجب المادة 16 من اتفاقيّة مناهضة التعذيب.

ثانيًا، يتعيّن على المدعي العام التمييزي و والمدعين العامين الحرص على أنّه وعملاً بأحكام المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة، أن يتحمّلوا مسؤوليّتهم في ممارسة الإشراف امساعدي الضابطة العدلية منهاالمخافر ومراكز الشرطة القضائية وغيرها في مجرى التحقيقات. وفي كلّ الأوقات، يجب اتباع أحكام قانون أصول المحاكمات واحترام حقوق المشتبه بهم. ومن الخطوات الأولى الأساسيّة تغليب كفّة للأدلّة التي يتمّ تجميعها بواسطة طرق التحقيق الحديثة على تلك التي يتم الحصول من دون أدنى إطلاع على حقوق المشتبه به.

وفي هذا المجال، يجب على المدعي العام وقف العمل البمذكرة الصادرة عام 2001 و التي تحول دون وصول المشتبه بهم لمحامٍ في مرحلة التحقيقات الاولية. وكانت لجنة حقوق الإنسان واضحةً في المادة 14 (3) (د) من المعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنيّة والسياسيّة حيث لحظة ضرورة أن يُدافع الموقوف عن نفسه بواسطة محامٍ في جميع مراحل التحقيقات القضائيّة ضمنًا مرحلة التوقيف والاستجواب والتحقيق.

ومن شأن إعطاء المشتبه به الحقّ في الاتصال بمحامٍ في جميع مراحل الإجراءات سوف ينزع عن عناصر الضابطة العدلية  صبغة الإفلات من العقاب والتي تتفوّق فيها على المشتبه به في مرحلة التحقيقات الأوليّة. وباختصار، من شأن ذلك أن يضمن المساءلة والتدقيق في مرحلتي التحقيقات والتوقيف؛ وهذان الشرطان هما أساسيّان لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي تسمح بممارسة التعذيب.

ثالثًا، منذ اندلاع موجة التظاهرات في لبنان بتاريخ 17 شباط/فبراير 2019، سجّلت أدلّة دامغة تؤكّد على لجوء عناصر الأمن إلى  القوّة المفرطة والعنف بحقّ المتظاهرين السلميين. واللجوء المفرط إلى القوّة يُمكنه في بعض الحالات أن يمثّل فعل تعذيبٍ بموجب القانون الدولي. وعليه، يجب تعديل التعريف بمصطلح التعذيب الوارد في المادة 401″ لعام 2017 انسجامًا مع القانون الدولي بحيث يتضمّن اللجوء إلى التعذيب في الحالات غير المتصلة بالسجن. ويستوجب دعم ضحايا التعذيب سدّ الثغرات في قانون العام 2017. 

وفي هذا اليوم، تقف ألف متضامنةً مع ضحايا التعذيب مؤكّدة على أنّ السبيل الأكثر فعاليّةً لدعم ضحايا التعذيب هو استئصال التعذيب من لبنان. وتعترف ألف بأنّ ذلك سيستوجب أكثر من مجرّد تعديلات جديّة على مرحلة الاعتقال قبل المحاكمة وحمل المدعين العامين على التحلّي بالمسؤولية وممارسة المساءلة وتعديل قانون مكافحة التعذيب ولكنّ هذه الخطوات هي خطوات أساسيّة لكي يتمكّن لبنان من مناهضة التعذيب وأنسنة منظومة العدالة الجنائيّة. وهي خطوات تدعو ألف الحكومة إلى اتخاذها.