في أعقاب احتجاج 10 كانون الثاني 2023 من قبل عائلات ضحايا انفجار المرفأ على التعيين غير القانوني لقاضٍ بديل للتحقيق في الانفجار، استدعت الشرطة القضائية 12 فردًا من أفراد عائلات الضحايا بناءً على طلب النيابة العامة للتحقيق في 16 كانون الثاني بتهمة إثارة الشغب وتخريب قصر العدل في العدلية. يوم 13 كانون الثاني، استدعى أمن الدولة وليام نون، شقيق رجل الإطفاء جو نون الذي توفي في أثناء محاولته إخماد الحريق الذي شكّل شرارة انفجار المرفأ، للتحقيق معه بتهمة تهديد السلطة القضائية عندما كان يعبر عن رأيه وغضبه على شاشات التلفزة. وداهم أمن الدولة منزل نون لاستجوابه. في وقتٍ لاحقٍ من تلك الليلة، أصدر النائب العام الاستئنافي في بيروت، القاضي زاهر حمادة، مذكرةً بالقبض على نون وبقي الأخير محتجزًا لدى أمن الدولة حتى إطلاق سراحه بتاريخ 14 كانون الثاني.

من المهم التنويه أنّه منذ شهر تموز 2021، كان اللواء أنطوان صليبا، رئيس أمن الدولة، الجهاز الذي احتجز نون، مشتبهًا به في التحقيق في انفجار الميناء. وهو كان قد رفض حتى الآن استجوابه من قبل القضاء ولم يمثل للتحقيق من قبل أي مؤسسة أمنية، ولا زال يتمتع بالحماية – في انتهاكٍ سافرٍ للمسار القضائي، والإجراءات القانونيّة الموجبة، واستقلاليّة القضاء، وحقّ الضحايا في العدالة.

يومي 13 و14 كانون الثاني، لجأ الجيش اللبناني إلى القوة أيضًا ضد المتظاهرين السلميين، الذين تظاهروا اعتراضًا على اعتقال نون، لوقف محاولاتهم قطع الطريق في جبيل، مستخدمين الهراوات وأعقاب البنادق لضرب المدنيين، ورجال الدين المتواجدين والنائب زياد حواط. واعتدى جهاز أمن الدولة بالضرب على أفراد متواجدين أمام مقر أمن الدولة في الرملة البيضاء، كما استخدموا الهراوات ضد أفراد من بينهم رجال دين والنائب إلياس حنكش. يُعدّ استخدام القوة من قبل الجيش اللبناني وأمن الدولة ضد المتظاهرين السلميين انتهاكًا صارخًا لحرية الأفراد في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والحق في الاحتجاج. تدعو ألف – تحرّك من أجل حقوق الإنسان إلى التحقيق في سلوك هذه الأجهزة الأمنيّة ومحاسبة مرتكبي الاستخدام غير المبرر للقوة عن أفعالهم. نواصل التأكيد على أهمية تحسين الإطار القانوني الحالي الذي يرعى استخدام القوة في لبنان واحترامه لمبادئ حقوق الإنسان الدولية.

علاوةً على ذلك، فإن التعامل مع اعتقال نون من قبل سلطتين منفصلتين هو أمر غير مسبوق وينتهك حقوق نون القضائية.

تشعر ألف – تحرّك من أجل حقوق الإنسان بقلقٍ عميقٍ إزاء عدم استقلال القضاء المتنامي في لبنان والتدخل السياسي الفاضح في عمل القضاء. يُعتبر تعيين قاضٍ بديل عن القاضي طارق بيطار انتهاكًا صارخًا لاستقلالية التحقيق في انفجار المرفأ. تعكس كل هذه المؤشرات التدهور المستمر والحاد لسيادة القانون في البلاد وتشكل خطرًا جسيمًا على احترام حقوق الإنسان.

تكرر ألف – تحرّك من أجل حقوق الإنسان دعوتها لإجراء تحقيقٍ دوليٍّ عاجلٍ في انفجار المرفأ، لضمان تحقيقٍ عادلٍّ وعلنيٍّ من قبل محكمة مختصة ومستقلّة وحياديّة، حيث أثبت القضاء المحلّي في لبنان حتى الساعة عجزه وعدم رغبته في إجراء مثل هذا التحقيق. هذا وندعو حكمًا إلى التعامل بأقصى درجات الاحترام مع أفراد عائلات ضحايا انفجار المرفأ، ومراعاة حزنهم، وحقهم في العدالة، والحقيقة، والتعويض.