يروت،                                                                                                                                                                                     11/8/2020

1-       انفجار بيروت

شهدت بيروت يوم الثلاثاء 4 أب 2020 أكبر انفجار في تاريخها، ما أدى إلى سقوط أكثر من 220 قتيل وجرح قرابة 7 آلاف شخص على الأقل (120 منهم في حالة حرجة)، ولا يزال هناك عشرات المفقودين (لا يوجد أرقام دقيقة صادرة عن وزارة الصحة حتى تاريخ 9/8/2020) قبل إعلان الجيش اللبناني إيقاف عملية البحث عن المفقودين.

وقد تسبب الانفجار بإعاقات جديدة وإضافة معاناة للأشخاص المعوقين عامة. كما نتج عن الانفجار خسائر اقتصادية قُدّرت أوليًا بمليارات الدولارات (لم يجر مسح للأضرار بعد) مما يزيد من معاناة لبنان الذي يمرّ في أزمة هيكلية عميقة اقتصادية ومالية واجتماعية مزمنة بلغت خسائرها المتراكمة ما يقارب 90 مليار دولار، ووضعت اقتصاد البلاد على حافة الانهيار الشامل.

وللانفجار تداعيات اجتماعية كبيرة إذ فقدت ما يقارب  300 ألف عائلة مساكنها، ومؤسساتها ومصادر رزقها وهناك حوالي 80 ألف منزل متضرر ، كما أن الوضع العام للأمن الغذائي في البلاد جرّاء الازمة المالية التي تمرّ على البلاد، خصوصًا في الأوقات التي تزامنت مع وجود أزمة كوفيد-19، ازداد هشاشة بعد احتراق إهراءات القمح ومجمل مستوعبات البضائع المستوردة المخزنة في المرفأ. أما القطاع الصحي فيواجه أزمة كبيرة، مع تعرض 3 من أكبر المستشفيات خاصة في بيروت إلى أضرار كبيرة أدت إلى توقفها عن العمل مما خفّض القدرة الاستيعابية للقطاع الصحي اللبناني المعتمد بشكل كبير على القطاع الخاص، في وقت تتزايد فيه الإصابات بفيروس كوفيد-19 على نحو كبير في لبنان، وترافق ذلك مع تدمر مستودعات الأدوية للأمراض المستعصية المخصصة لفائدة المرضى ممن يستفيدون من برامج وزارة الصحية والمنظمات الدولية.

هذه بعض النتائج المباشرة للانفجار الكبير الذي شهده لبنان، قبل أن يتم إعداد دراسات علمية دقيقة للأضرار المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد اللبناني الذي كان يعاني قبل الانفجار من أزمة حادة غير مسبوقة مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي، وتوصيف مستوى التضخم في البلد بالتضخم المفرط hyperinflation   (مع تجاوز معدل التضخم في البلد 50٪ شهريًا على مدار فترة زمنية محددة بـ 30 يومًا متتالية) والمترافق مع تدهور اقتصادي متسارع لا تكبحه التدخلات المجزأة والمرتجلة التي تعتمدها الحكومة في ظل أزمة سياسية ومؤسسية لا تقل خطورة.

2-      جوهر الأزمة سياسي

يعود سبب الانفجار إلى وجود 2750 طن من مادة نترات الأمونيوم، التي تدخل في صناعة الأسمدة والقنابل، مخزّنة في مرفأ بيروت منذ 2014 من دون أن يتحرك أحد لنقلها رغم التحذيرات من خطورتها. وكانت الحكومات المتعاقبة وسلطات مرفأ بيروت والجمارك والأجهزة الأمنية على علم بوجود مواد كيميائية خطيرة مخزنة في المرفأ. وبالتالي لا يمكن الحديث عن حادث عرضي أدى إلى هذا الانفجار بل هو جريمة موصوفة تتحمل مسؤوليتها السلطات السياسية والامنية والإدارية المشرفة على عمل المرفأ المعينة والمحمية من المرجعيات السياسية، الأمر الذي جعل الانفجار أمرًا محتومًا ينتظر حادثاً عرضيًا أو مفتعلًا كي يحصل. وبغض النظر عن السبب المباشر أو طبيعة ومصدر الشرارة التي أطلقت هذا الشر الذي ضرب بيروت، فإن السبب الحقيقي للانفجار هو سبب كل الازمات في لبنان وهو فشل الطبقة السياسية التي تحكم البلاد منذ نهاية الحرب وتتقاسم المغانم وتكدس الثروات وتساهم في افقار شعبها وحرمانه من حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية والآن تعرضه الى القتل المباشر.

لكل ذلك، فإن غالبية الشعب اللبناني لا يثق بهذه السلطة وبهذه الحكومة، لا بل يعتبرها مسؤولة عن الانفجار بسبب الإهمال وعدم مسؤولية الأجهزة الأمنية والوزارات المعنية بمتابعة ملف المواد الخطيرة التي كانت موجودة في مستودع عنبر رقم 12؛ كما أنّ الشعب اللبناني ليس لديه أيّ ثقة إطلاقا بأي تحقيق قد تكون مسؤوله عنه السلطات اللبنانية التي فشلت في إيجاد حلول لأزمات أقل أهمية بكثير، والتي عجزت عن اكتشاف أي مسؤول عن أي من الكوارث التي أصابت لبنان وشعبه. المسؤولون عن الكارثة لا يمكن أن يتسلموا مهام التحقيق في أسبابها ولا في تجاوز آثارها، بما في ذلك استلام المساعدات وإدارة عمليات الإغاثة والترميم وإعادة إعمار ما تضرر.

3-   التوصيات:

لقد استجاب الشعب اللبناني بشكل فوري لهذا الكارثة، وتجلى ذلك في مئات المبادرات الفردية والجماعية وآلاف المتطوعين من جنسيات مختلفة من كل مناطق لبنان الذين توجهوا على الفور الى المناطق المنكوبة لتقديم المساعدة في ظل تقاعس وغياب لمؤسسات الدولة كما تعودنا في كافة الأزمات التي مر بها لبنان سابقا. أن هذا التضامن الشعبي الشامل هو ثروة لبنان الحقيقية، وهو الذي يجب البناء عليه وتعزيزه وتوفير الدعم له من أجل تجاوز هذه الازمة بعيدا عن مؤسسات الفساد والزبائنية والاستعراضات السياسية. 

بناء عليه تدعو منظمات المجتمع المدني الموقعة على هذا البيان المنظمات الدولية  والدول المعنية بالتدخّل:

– الدعوة الفورية إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة ومستقلة وشفافة لتحديد الأطراف المسؤولة عن الانفجار، يمكّن من محاسبة المسؤولين عن وجود ونقل وتخزين ومعالجة تلك المواد الخطيرة في المرفأ والتقاعس عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة وحياة اللبنانيين طوال السنين الماضية. في الواقع دأبت منظمات المجتمع المدني منذ سنوات على المطالبة بقضاء مستقل يضمن المساءلة والشفافية على جميع المستويات وهذا ما لم يتحقق. وقد عانى التحقيق اللبناني في موضوع تفجير المرفأ من عيوب خطيرة (على سبيل المثال ، تم إطفاء الأنوار في وقت مبكر من الليل مما دفع البعض إلى الضغط على أصحاب المولدات لإعادة الكهرباء). وسواء كان ذلك بسبب نقص القدرات أو الالتزام ، فمن غير المرجح أن تصل عملية التحقيق المحلي إلى نتيجة معقولة. علاوة على ذلك ، فإن مصداقية السلطات اللبنانية التي تتولى التحقيق موضع شك من قبل المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية وعدد كبير من اللبنانيين (سواء في المعارضة أو في الحكومة). لذلك من الضروري إجراء تحقيق دولي لكشف الحقيقة، مما سيمكن من مساءلة المسؤولين عن وجود هذه المواد ونقلها وتخزينها والتعامل معها في المرفأ وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان سلامة وحياة اللبنانيين على مدى السنوات الماضية.

– التضامن مع الشعب اللبناني، وتشجيع حكوماتهم على تقديم الدعم الإنساني للبنان، والحرص على أن تصل هذه المساعدات إلى مستحقيها الفعليين من ضحايا التفجير المواطنين واللاجئين وعمّال الأجانب سواءً كانوا عائلات القتلى، أو الجرحى، أو المتضررين ماديًا من دون تمييز من خلال القنوات المحايدة والفعالة.

–  دعوة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية إلى تطوير التعاون والتنسيق فيما بينها، والاستناد لشبكة منظمات المجتمع المدني الواسعة (الوطنية والمحلية) العاملة في مجالات الإغاثة والتنمية والصحّة للبنانيين والمقيمين في لبنان، وإلى المزيد من الاعتماد على المنظمات والجمعيات والمبادرات الوطنية وذلك استناداً على مبدأ الشفافية للاستجابة لمتطلبات أعمال الإغاثة والمساعدة، وأن لا يكون هذا الدعم مشروطًا ومرتبطًا بمؤسسات الدولة المسببة للكارثة.

– دعم تقييمات الاحتياجات التي تجريها وكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني وإشراك هذه المنظمات والسلطات المحلية والقطاع الخاص في تقديم المساعدات وتنفيذ خطط إعادة الإعمار وذلك لضمان تلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفاً؛ يتم وضع ضمانات لمنع أي قضايا فساد أخرى.

الموقعون:

شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية

المرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين

المركز اللبناني لحقوق الإنسان

مركز دعم لبنان

المعهد العربي لحقوق الانسان – فرع لبنان

مرصد الازمة اللبنانية في الجامعة الاميركية في بيروت

مركز وصول لحقوق الإنسان

مؤسسة أبعاد – مركز الموارد للمساواة بين الجنسين

الحركة الاجتماعية

المركز السوري لبحوث السياسات 

لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين

منظمة براود ليبانون

تجمع المؤسسات الأهلية في صيدا

صندوق الطلاب الفلسطينيين

المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان (حقوق)

منظمة الف – تحرك من أجل حقوق الإنسان

جمعية عمل تنموي بلا حدود نبع 

الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات 

هيئة تنسيق المؤسسات الأهلية الفلسطينية في لبنان

 Restart

جمعية المساعدات الشعبية للاغاثة والتنمية

 جمعية النجدة الاجتماعية

التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني (RDFL)