بتاريخ 16 حزيران/يونيو 2020، أفاد موقع Lebanon Debate بأنّ المدعي العام التمييزي القاضي غسّان عويدات هدد بإقامة ملاحقة “جنائيّة” بحقّ أي فردٍ متورّط في نشر تعليقات “عدائيّة” على وسائل التواصل الاجتماعي بحق رئاسة الجمهوريّة.
في حال تأكّدت صحّة هذا القرار، فسيشكّل صفعةً جديّة للحريّات في لبنان. فعند انتخاب الرئيس ميشال عون، أشادت ألف بالإعلان الصادر بشأن وقف ملاحقة أي شخصٍ ينتقد الرئيس. ولكنّ ألف تأسف لكون القرار المزعوم للقاضي عويدات يتعارض تعارضًا شديدًا مع القرار الصادر عن 2016 ويمثّل تهديدًا جديدًا لحريّة التعبير.
يطرح القرار علامات استفهام شديدة سيّما وأنّه يتم الإعلان عنه في وقتٍ تتقلّص فيه المساحة العامة نتيجة التحرّش المستدام والترهيب واعتقالات الصحفيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وبحسب القرار – الذي لم يتأكّد بعد – والصادر عن القاضي عويدات، سيتعرّض للملاحقة الجنائيّة بتهمة التشهير والقدح والذمّ أو الإهانة ولتعميم تصريحات الإلكترونية بحيث تُصبح مادة عامًة كلّ من يقدم على توجيه انتقادٍ للرئيس. وفي حين وُضع القانون المتصل بالتشهير من أجل حماية سمعة الأفراد، إلاّ أنّ استخدام التشهير كأداة لكمّ أفواه النقّاد الذين يتجرأون على تصويب سهامهم نحو الشخصيّات العامة يُصبح هو المعيار السائد في لبنان.
إنّ المساس بسمعة شخصيّةٍ عامةً أو تشويهها يجب أن يكون من الخطورة بمكان وأن يُلحق ضررًا فعليًّا أو يُسبب “إساءةً لسمعة” الشخص لكي يتعرّض مرتكبه للملاحقة. وفي هذه الحال، يجب إقامة إجراءات قانونيّة منصفة ومحايدة تقيم توازنًا بين حماية حريّة التعبير وحماية الشخصيّات العامة من “التشويه”.
يعترف معظم الأنظمة القانونيّة الدوليّة بأنّ الأشخاص الذي يُشاركون طوعًا في الحياة العامة يتنازلون عن فرصة تعزيز حقوقهم الشخصيّة. وعلى صعيدٍ آخر، إنّ مقرري الأمم المتحدة الخاصين المعنيين بحريّة الرأي والتعبير الذين تعاقبوا على هذا المنصب قد أكّدوا من دون أدنى شرط بأنّ السجن ليس عقوبةً مشروعةً تفرض في حال التشهير وأنّ التشهير ليس قيدًا مبررًا على حريّة التعبير؛ مؤكّدين على ضرورة إزالة جميع القانونين الجنائيّة التي تعاقب على التشهير واستبدالها بقوانين مدنيّة مناسبة.
أضف إلى ذلك أنّ القوانين نفسها تؤكّد على أنّ “العقوبات المفروضة على فعل التشهير لا يجب أن تكون من الحجم بحيث تسبب الذعر أو الخوف على مستوى حريّة الفكر والتعبير والحقّ في طلب أو تلقّي أو التماس أو توزيع المعلومات، ولا يجوز أبدًا فرض عقوبات جنائيّة سيّما منها السجن”. إنّ منظمة ألف تحرّك من أجل حقوق الإنسان تدعو المدعي العام إلى توضيح هذه المعلومات والإعلان صراحةً عن استراتيجيّة الملاحقة في حالتي التشهير والذمّ. وتودّ ألف أن تذكر البرلمان اللبناني بواجباته في وضع توجيهات واضحة بشأن الشروط المخالفة للقانون ومن أجل الحيلولة دون تطبيق القوانين بصورةٍ عشوائيّةٍ وحلّ القوانين المجحفة.